"إن الحب هو اتحاد المرء مع شخص آخر، خارجه، على شرط إبقائه على انفصال ذاته وسلامتها. إنه تجربة المشاركة والاشتراك، التي تسمح بالتفتح الكامل لنشاط الإنسان الداخلي" .. إريك فروم
لقد ساد اعتقاد
(خاطئ) بأن الحب بين الزوجين هو نتيجة الاشباع الجنسي، وأن معرفة التكنيك الجنسي
الصحيح يفضي إلى السعادة الجنسية والحب. وهذه الفكرة المغلوطة كانت نتيجة التحليل
النفسي المتأثر بنظريات سيجموند فرويد. فالحب بالنسبة إلى فرويد هو في ماهيته رغبة
جنسية. وقد تأثر فرويد بالفلسفة المادية في القرن التاسع عشر، والتي زعمت أن
الظواهر النفسية لا بد أن تكون مترسخة في عمليات فسيولوجية تناظرها. لذا اعتقد
فرويد أنه عثر على الأساس الفسيولوجي للعاطفة البشرية (الحب، الكراهية، الغيرة، ..
إلخ) في الليبيدو أي في الغريزة الجنسية.
وأما عالم النفس الإنساني إريك فروم فيرى أن حاجات الإنسان وعواطفه تكمن في شمولية الوجود الإنساني. وتلك الحاجات التي يشترك فيها مع الحيوان مثل الأكل والشرب والنوم والاشباع الجنسي مهمة، ولكن اشباعها ليس شرطا كافيا لسلامة العقل والصحة الذهنية.
وتعتمد سلامة العقل والصحة الذهنية للإنسان على إشباع الحاجات والعواطف الخاصة بالجنس البشري دون غيره، والتي تنشأ من شروط الوجود الإنساني، وهي تكمن في الحاجة إلى التواصل، والتجاوز، الترسخ، الحاجة إلى الإحساس بالهوية، والحاجة إلى إطار للتوجه والإخلاص. ولهذا فإن عواطف الإنسان الكبيرة، واشتهاءه للسلطة وغروره، وبحثه عن الحقيقة، وشغفه بالحب والأخوة، وتدميريته وكذلك إبداعيته، إن كل رغبة قوية تحرض أعمال الإنسان هي راسخة الجذور في هذا المصدر البشري وليس في مراحل الليبيدو المتنوعة عنده كما افترض تأويل فرويد.
إن الحب لا يكون ممكنا إلا إذا تواصل شخصان معا من مركز وجودهما، ومن ثم إذا عاش كل منهما بنفسه من مركز وجوده. في هذه "الإعاشة المركزية" تكمن الحقيقة الإنسانية، وهنا فقط يوجد أساس الحب. والحب معاشا على هذا النحو، هو تحدّ دائم. إنه ليس مستقرا للراحة، بل هو تحرك ونمو وعمل مشترك. حتى إذا كان هناك تناغم أو كان هناك صراع، إذا كان هناك فرح أو كان هناك حزن، فهي مسألة ثانوية بالنسبة للحقيقة الأساسية. إن شخصين يعيشان نفسيهما من ماهية وجودهما، إنهما يكونان واحدا كل منهما بالنسبة للآخر، عن طريق أن يصبحا واحدا مع نفسيهما بدلا من الهرب من نفسيهما. ولهذا فإن في الحب يمكن تحقيق الاندماج مع شخص آخر، ويمكن قهر الشعور بالعزلة. كما أن الزوجين يشتركان في العطاء، حيث يعطي كل منهما الآخر، وبهذا العطاء يقهران النزوع إلى الأنانية (النرجسية) والتبعية واستغلال الآخر.
وإذ يؤكد فروم على أن الحب فعل للإرادة والالتزام، فإنه لا يرى أهمية ما إذا كان الزواج بين الشريكين كان من ترتيب الآخرين أو نتيجة الاختيار الفردي، لأنه إذا ما تم الزواج، فيجب على فعل الإرادة أن يضمن استمرار الحب. وهذا هو الأساس المنطقي وراء العديد من أشكال الزواج التقليدي الذي لا يختار فيه الشريكان بعضهما، ولكن جرى اختيارهما لبعضهما، ومع هذا يجري التوقع أن يحبا بعضهما.
وأما عالم النفس الإنساني إريك فروم فيرى أن حاجات الإنسان وعواطفه تكمن في شمولية الوجود الإنساني. وتلك الحاجات التي يشترك فيها مع الحيوان مثل الأكل والشرب والنوم والاشباع الجنسي مهمة، ولكن اشباعها ليس شرطا كافيا لسلامة العقل والصحة الذهنية.
وتعتمد سلامة العقل والصحة الذهنية للإنسان على إشباع الحاجات والعواطف الخاصة بالجنس البشري دون غيره، والتي تنشأ من شروط الوجود الإنساني، وهي تكمن في الحاجة إلى التواصل، والتجاوز، الترسخ، الحاجة إلى الإحساس بالهوية، والحاجة إلى إطار للتوجه والإخلاص. ولهذا فإن عواطف الإنسان الكبيرة، واشتهاءه للسلطة وغروره، وبحثه عن الحقيقة، وشغفه بالحب والأخوة، وتدميريته وكذلك إبداعيته، إن كل رغبة قوية تحرض أعمال الإنسان هي راسخة الجذور في هذا المصدر البشري وليس في مراحل الليبيدو المتنوعة عنده كما افترض تأويل فرويد.
إن الحب لا يكون ممكنا إلا إذا تواصل شخصان معا من مركز وجودهما، ومن ثم إذا عاش كل منهما بنفسه من مركز وجوده. في هذه "الإعاشة المركزية" تكمن الحقيقة الإنسانية، وهنا فقط يوجد أساس الحب. والحب معاشا على هذا النحو، هو تحدّ دائم. إنه ليس مستقرا للراحة، بل هو تحرك ونمو وعمل مشترك. حتى إذا كان هناك تناغم أو كان هناك صراع، إذا كان هناك فرح أو كان هناك حزن، فهي مسألة ثانوية بالنسبة للحقيقة الأساسية. إن شخصين يعيشان نفسيهما من ماهية وجودهما، إنهما يكونان واحدا كل منهما بالنسبة للآخر، عن طريق أن يصبحا واحدا مع نفسيهما بدلا من الهرب من نفسيهما. ولهذا فإن في الحب يمكن تحقيق الاندماج مع شخص آخر، ويمكن قهر الشعور بالعزلة. كما أن الزوجين يشتركان في العطاء، حيث يعطي كل منهما الآخر، وبهذا العطاء يقهران النزوع إلى الأنانية (النرجسية) والتبعية واستغلال الآخر.
وإذ يؤكد فروم على أن الحب فعل للإرادة والالتزام، فإنه لا يرى أهمية ما إذا كان الزواج بين الشريكين كان من ترتيب الآخرين أو نتيجة الاختيار الفردي، لأنه إذا ما تم الزواج، فيجب على فعل الإرادة أن يضمن استمرار الحب. وهذا هو الأساس المنطقي وراء العديد من أشكال الزواج التقليدي الذي لا يختار فيه الشريكان بعضهما، ولكن جرى اختيارهما لبعضهما، ومع هذا يجري التوقع أن يحبا بعضهما.
ومن وجهة نظر التحليل النفسي فإن البريطانية جوان ريفيير* تقول: إن ما
نسميه الحب الحقيقي هو حالة يمتزج فيها عاملان: الحب والرغبة الجنسية، ولا يشكلان
سوى عامل واحد، هذه الحالة تنجم عن واقع مفاده كمال الحب لدى الرجل والمرأة، الذي
يمكّنه (أي الحب) أن يشبع الرغبات المتبادلة ويرضيها. والحب المتبادل يكوّن ضمانا
مضاعفا بالنسبة لكل شريك من الشريكين. فحب الآخر، إذا انضاف إلى حب الفرد نفسه،
يضاعف احتياطات الحب والهناء، وبالتالي يضاعف احتياطات الضمان ضد الألم ونزعة
التدمير والتعاسة الداخلية. يضاف إلى ذلك أن كل شريك من الشريكين يجدد الرغبة
الجنسية لدى الآخر بفعل ما يؤمّنه من إشباع للحاجات الجنسية، وهذه الرغبة الجنسية،
وهي ألمٌ كامن ومصدر نزعة التدمير، تصبح لذة مطلقة ومصدر الهناء.
وخلاصة القول أن الحب الحقيقي بين الزوجين هو إيمان كل واحد منهما بنفسه وثقته
بالآخر على قدرته على الحب، وهو نشاط وسعي للاندماج الكامل، للاتحاد مع بعضهما؛ ينتج عنه
إشباع الرغبات المتبادلة والسعادة، وهو كذلك تجربة أن يصيرا شخصا واحدا ويظلان
شخصين في الوقت ذاته؛ فينتج عنه الاهتمام والمسؤولية والاحترام**، وهو
أيضا فعلٌ للإرادة بأن يحبّ كل منهما الآخر؛ والالتزام بأن يستمر الحب بينهما وهذا
يعني استمرار حياتهما الزوجية.
وفي الختام
نتذكر ما قاله الشاعر الروسي بوشكين:
حيث لا حب، لا
يُعرف المرح
وتافهة هي
الحياة؛ ولا تحمل أية متعة
********
* جوان ريفيير (1883 - 1962) ساهمت في
التحليل النفسي خاصة المدرسة البريطانية.
** الاحترام (وفقا لجذر الكلمة Respicere = التطلع إلى) يعني أن انظر إلى الآخر كما هو،
موضوعيا، لا تحرفه رغباتي ومخاوفي. كما أن الاحترام يعني الاهتمام بأن الشخص
الآخر إنما ينمو ويتكشف على نحو ما هو عليه. وهكذا يتضمن الاحترام عدم وجود
الاستغلال.
==========
المراجع - إريك فروم، فن الحب، ت. مجاهد عبد المنعم مجاهد، دار العودة، بيروت، لبنان، 2000م.
- ميلاني كلاين وجون ريفيير، الحب والكراهية، ت. وجيه أسعد، دار البشائر للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق، سوريا، 1993م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق