يبدو
أن وزير الصحة الجديد انتبه مبكرا إلى أنه يصعب تطوير الوزارة من داخلها بعد فشل السنين العجاف
في تحقيق ذلك، فلا جديد في وزارته الجديدة إلا الوزير! وقد يكون هذا هو سبب تفاعل سعادة الوزير
مع هاشتاق #تطوير_وزارة_الصحة والذي بدأت تنهال فيه الاقتراحات حتى ظُنّ
أنه سينفجر إلا أنه بدون مؤخرة وهذا ما أبطل احتمالية التفجير في هذه الجمعة!!
ولعل
الوزارة بهذا الهاشتاق تعمل دراسة عن المشاكل التي لا يعرفها الناس والتي قد تؤجل النظر
فيها حتى يتم حل تلك المشاكل التي يذكرها الناس بكثرة، وإن كانت الكثرة
في وزارتكم قد تعني عدد المرضى أو عدد الإداريين وبعد تعيين سعادتكم أضيف إليهما عدد الاقتراحات
وعدد الشكاوى. ولا أخفيك أني أستبعد هذا الاحتمال لأن العاملين في القطاع الصحي يجهلون
المصادر التي تأتي منها مشاكلهم الصحية وإن كانوا يعلمون جيدا مصادر البدلات والانتدابات
وبعض الأخطاء الطبية.
ولكن الخوف
داهمني بعدما شاهدت هذه المشاركة الشعبية، فما الإسكان منا بقريب! وكان الخوف (وما زال) من أن يكون هذا الهاشتاق ما وضع إلا لإيهام الناس أن الوزارة تأخذ بآرائهم ومقترحاتهم،
لأن الناس لا تُحسن تطوير عيادة، فكيف بوزارة؟!
ولتفترض
معي يا سعادة الوزير أن أحد المغردين غرّد باقتراح ما، ومع مرور الأيام وسيارات الأسعاف
وفي زحمة الأعمال والشوارع والاجازات حصلت كارثة ما [لا علاقة بين "ما" الاقتراحية و"ما"
الكارثية]، وكان ذلك المغرد قد أشار في تغريدته المشؤومة إلى الحذر من تلك الكارثة!
ولا أظنه يغيب عن سعادتكم أن الناس في هذه الأيام تحفظ كل ما يكتب ويقال تماما كما كان يفعل الأسلاف
ولو كان ما كتبوه يناقض بعضه بعضا بشكل أوضح من الشمس، فالشمس قد يصيبها الكسوف وعن نظرنا الغروب! ومن كثر حفظ الناس لما يقال ويكتب في هذه الأيام، فلن استغرب إن وجدت منهم من يحفظ تواريخ الميلاد لسكان مدينة طنجة!!
وما
إن يأخذ المرضى صورة لتلك التغريدة المشؤومة إلا وقد عُمل لموضوعها هاشتاق جديد، وهذا مما قد يثير
عليك ألسنة الفقراء وبطون التجار، وكل تجارة يقوم بها هؤلاء المرضى، وكل كلمة ينطقها
هؤلاء الفقراء محسوبة على الوزارة، وما هذه دعوى محتاجة إلى أمارة.
فما
العمل يا سعادة الوزير؟
سيتفهّم
الناس لو أنك قلت لهم بأن كل الاقتراحات سيتم قراءتها، أما الأخذ بها فإنه يحتاج إلى
دراسة وستكون اقتراحاتكم على قائمة الانتظار، ولتطمئن يا سعادة الوزير فإن الناس يعرفون
تماما ماذا تعني "قائمة الانتظار" في وزارتكم الموقرة، ولكنهم سيتفهّمون هذا أيضا! وليت الناس
يفهمون كما يتفهّمون، ولكن هذا صعب جدا مع استمرار وزارة التعليم والبترول وغياب الكائنات
الحية!!
وليتني أستطيع أن أقدم لك اقتراحا يساعدك في مهمتك التي رفضت جبال السروات حملها، فأنا لا أملك عصا موسى، والحمد لله أنني لست الأمين العام للأمم المتحدة فتطلب مني
حلا تسكت به هؤلاء الناس الذين ينسون الحلول قبل أن يذوب السكر في كوب الشاي الذي يغلي بسبب ارتفاع فاتورة العلاج
في القطاع الخاص.
وإذا
كنت فاعلا فسأقدم لوزارتكم معيارا، فإن وجدته غير مناسب فارمه في حاوية المعايير رحمة
بشوارعنا التي لم يعد فيها مكان للمشي ولا للنفايات، لأن الأبناء يقلدون آباءهم حتى
في رمي النفايات في الطرقات وأماكن الإنتظار، ويرددون ما يقوله آباؤهم: "عمال النظافة يستلمون راتبْ!"
لدرجة إهمالهم نظافتهم الشخصية. وكما تعلم يا سعادة الوزير فهذا مما يؤثر في الصحة العامة
والخاصة، ولا أعلم عن أسباب زيادة حالات الربو بين الأطفال!! لكن أنا لست مندهشا من تقليد الأطفال لآبائهم في كل شيء، فنحن قوم عشقنا التقليد!!
وإن سألني موظف من وزارتكم متهكما: من الذين يقلدون الغرب؟!
فأنا سأحيل الإجابة لمروجي تلك العبارة (كلمة "مروجين" لا تعني تخدير العقل، لأن الميت لا يخدر)، والذين سيُجيبون بقولهم: يقلدون الغرب في الطب الصناعي الحديث الذي كله موادْ كيماوية (أظنهم يقصدون موادا كيميائية!).
يا سعادة الوزير .. أظنك تُحسن التعامل مع تجار الصحة ومرضى التجارة، فهل ستُحسن وقف استهلاك الأدوية دون وصفة من الصيدليات الخاصة ومن العطارة الكريهة أم أن المريض سيواصل النزيف؟!
[إذا احتج وزيرنا توفيق بالبلدية فأتمنى أن يعين وزيرا لها، وإلا فإن المرضى (الذين يصورون ويحفظون!) سيحملونه وزرهم وأوزار تجارهم]
لقد نسيت كما ينسى الأطباء مواعيدهم والوزراء وعودهم. إن المعيار الذي أقصده يا سعادة الوزير هو هذا السؤال: ما مدى ثقة الناس في تلقي العلاج في مراكز ومستوصفات ومستشفيات وزارة الصحة؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق